responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 85
الْكِتْمَانُ عَائِدٌ إِلَى مَا كَتَمُوا مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الثَّانِي: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا رَأَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَغْفِرُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَغْفِرُ/ شِرْكًا، قَالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ فَيَقُولُونَ: واللَّه رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، رَجَاءَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّه لَهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَتَكَلَّمُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَهُنَالِكَ يَوَدُّونَ أَنَّهُمْ كَانُوا تُرَابًا وَلَمْ يَكْتُمُوا اللَّه حَدِيثًا.
الطَّرِيقُ الثَّانِي فِي التَّأْوِيلِ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُسْتَأْنَفٌ، فَإِنَّ مَا عَمِلُوهُ ظَاهِرٌ عِنْدَ اللَّه، فَكَيْفَ يَقْدِرُونَ عَلَى كِتْمَانِهِ؟
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:
23] .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَوَاطِنَ الْقِيَامَةِ كَثِيرَةٌ، فَمَوْطِنٌ لَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً [طه: 108] وَمَوْطِنٌ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ كَقَوْلِهِ: مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ [النَّحْلِ: 28] وَقَوْلِهِمْ: وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فَيَكْذِبُونَ فِي مَوَاطِنَ، وَفِي مَوَاطِنَ يَعْتَرِفُونَ عَلَى أنفسهم بالكفر ويسألون الرجعة وهو قولهم:
يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا [الْأَنْعَامِ: 27] وَآخِرُ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ أَنْ يُخْتَمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَتَكَلَّمَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَجُلُودُهُمْ، فَنَعُوذُ باللَّه مِنْ خِزْيِ ذَلِكَ الْيَوْمِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْكِتْمَانَ غَيْرُ وَاقِعٍ، بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي التَّمَنِّي عَلَى مَا بَيَّنَّا. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا الْكِتْمَانَ، وَإِنَّمَا أَخْبَرُوا عَلَى حَسَبِ مَا تَوَهَّمُوا، وَتَقْدِيرُهُ: واللَّه مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ عِنْدَ أَنْفُسِنَا، بَلْ مُصِيبِينَ فِي ظُنُونِنَا حَتَّى تَحَقَّقْنَا الْآنَ. وَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إن شاء اللَّه تعالى.

[سورة النساء (4) : آية 43]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (43)
النَّوْعُ الْعَاشِرُ: مِنَ التَّكَالِيفِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السورة.
[في قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي سَبَبِ النُّزُولِ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ صَنَعَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا وَشَرَابًا حِينَ كَانَتِ الْخَمْرُ مُبَاحَةً فَأَكَلُوا وشربوا، فلما تملوا جَاءَ وَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَدَّمُوا أَحَدَهُمْ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ. فَقَرَأَ: أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَكَانُوا لَا يَشْرَبُونَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، فَإِذَا صَلُّوا الْعِشَاءَ شَرِبُوهَا، فَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا وَقَدْ/ ذَهَبَ عَنْهُمُ السُّكْرُ وَعَلِمُوا مَا يَقُولُونَ، ثُمَّ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَمْرَ تَضُرُّ بِالْعُقُولِ وَالْأَمْوَالِ، فَأَنْزِلْ فِيهَا أَمْرَكَ فَصَبَّحَهُمُ الْوَحْيُ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ كَانُوا يَشْرَبُونَهَا ثُمَّ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُمُ اللَّه عَنْهُ.

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست